أن تلعب كرة جميلة وتفوز هذا هو – الكمال – الكروي وأن تبتدع أسلوب لعب جديد وتلعب كرة جميلة وتفوز فهذا هو الإعجاز.
ما حققه فريق أسبانيا خلال يورو 2008 هو بكل مقاييس الكرة الحديثة. شئ رائع وفريق مستواه ثابت من أول مباراة إلى أخر مباراة. فريق يلعب كرة قدم رائعة الجمال يقدم فيها لاعبوه لوحة فنية جميلة متكاملة الأركان دون عناء يذكر ودون ألوان خارجة عن النص .
أسبانيا بقيادة مديرها الفني في هذه البطولة قدمت للعالم طريقة لعب جديدة لم نشاهدها من قبل أعاد فيها المدير الفني الأسباني – أراجونيس – هيكلة الكرة الشاملة التي قدمتها لنا هولندا في السبعينات بشكل أخر جميل وراقي .
الأسبان لعبوا البطولة بطريقة لعب قد تكون جديدة ومختلفة عن ملاعب أوروبا وهي ( 4-1-4-1 ) وهو بهذه الخطة ولأول مرة منذ فترة طويلة يعتمد على لاعب وسط مدافع واحد ( ليبرو خط الوسط ) وكان هو العبقري – سيينا – أفضل لاعب في البطولة من وجهة نظري الذي كان يقوم بدور الليبرو المتقدم عن خط الدفاع ليملأ الفراغ سواء في خط الوسط أو في خط الدفاع عندما تتعرض إسبانيا للضغط من أي فريق أخر .
ولعب بأربعة لاعبين وسط كلا منهم – كارثة – كروية متحركة تستطيع أن تصيب خطوط دفاع أي فريق مهما كان – بالخضة – فأعتمد على – انيستا وتشابي وفابريجاس وديفيد سيلفا – بينما أعتمد على توريس وحيدا غالبا في خط الهجوم .
وبالطبع فإن قدرة رباعي خط الوسط الهجومية تعطي لك دائما الإيحاء بأن أسبانيا – تحتل مناطق الخصوم – بشكل سلمي للغاية وسهل للغاية وتتحرك فيه بدون أي عوائق تذكر نظرا لكفاءة هذا الرباعي الكبيرة في خلخلة أي دفاع منظم .
في دفاع أسبانيا كان القائد – بيول في أفضل حالاته تقريبا فيما عدا المباراة النهائية التي أرتكب فيها بعض الأخطاء القليلة – ولكنه دون ذلك كان أحد نجوم الأسبان في البطولة ويأتي معه كارلوس مارسينا وكابديفيلا وراموس.
والمعروف عن كابديفيلا وراموس الميل الكبير للهجوم وملأ خط الوسط عندما يتقدم – انيستا أو تشابي أو فابريجاس لأداء الدور الهجومي – فكنت تشعر دائما بأن الأسبان – هم الأكثر في الملعب – عندما تبدأ – الموجة الأسبانية – في التحرك من الخلف للأمام وحينها يظهر المنتخب الأسباني بهذا الشكل ( 2-3-4-1 ) مع تحرك راموس وكابديفيلا على الأجناب وأنضمام تشابي وأنيستا الى توريس على شكل – هرم – هجومي رأسه توريس وقاعدته تشافي وأنيستا أو سيلفا - وهو ما جعل المنتخب الأسباني متواجد دائما داخل منطقة الجزاء الخاصة بالخصوم بأكثر من لاعب في أوقات كثيرة من المباراة .
في المباراة النهائية وفي الشوط الأول تحديدا كان دور رأس الحربة الوحيد – توريس – رائع حيث أنه كان المسئول عن خلخلة الدفاع الألماني – البطئ – وهذا الأعتماد أتى بثماره بهدف جميل أحرزه توريس بعد أن تلقى تمريرة من – تشابي - ضرب بها دفاع ألمانيا .
وعندما بدأت ألمانيا تسيطر على منتصف الملعب قليلا أجرى المدير الفني الأسباني تغيير رائع بخروج فابريجاس ونزول شافي ألونسو ليعود المنتخب الأسباني للعب بطريقة – 4-2-3-1 – بأنضمان ألونسو الى سيينا لتوفير السيطرة الكاملة على منتصف الملعب وهو ما كان له أكبر الأثر في تغيير مسار اللقاء حيث لم تظهر ألمانيا مرة أخرى في المباراة .
في النهاية قدم المنتخب الأسباني كرة قدم رائعة وحقيقية ومتطورة ولعب لأول مرة منذ سنوات بلاعب إرتكاز واحد – كان هو الجندي المجهول – في كل ما فعله الأسبان هو العملاق العبقري – سيينا – .
أستحق الأسبان اللقب لأنهم إستغلوا إمكانيات لاعبيهم بشكل رائع وأستحق المدير الفني العجوز – أراجونيس – أن يحمل على الأعناق بعد أن أعاد للأسبان هيبتهم الكروية بعد مرور 44 سنة من أخر فوز أسباني ببطولة أوروبا .
إحصائيات إسبانية :
• الأسبان هم الفريق الوحيد الذي لم يخسر في هذه البطولة أي مباراة والفريق الوحيد الذي سجل في كل المباريات التي لعبها (باستثناء مباراة ايطاليا في ربع النهائي) .
• أحرز الأسبان 12 هدف في البطولة وصوبوا نحو المرمى 117 تصويبة خلال البطولة منهم 40 تصويبة من داخل منطقة الجزاء و 77 تصويبة من خارج المنطقة .. ومن ال40 تصويبة من داخل المنطقة كان منها 18 تصويبة بين القائمين والعارضة ومن ال77 تصويبة من خارج المنطقة 29 تصويبة بين القائمين والعارضة .
• أكثر اللاعبين الأسبان تصويبا على المرمى كان هداف البطولة – ديفيد فيا – ب12 تصويبة – يليه توريس ب10 تصويبات ولكن يأتي توريس في المركز الأول كأكثر لاعب أسباني صوب بين القائمين والعارضة بثمان تصويبات من العشرة وجاء ديفيد فيا الثاني بست تصويبات من 12 تصويبة بين القائمين والعارضة وأربعة من الست تصويبات سكنت شباك الخصوم .
• نظم الأسبان 116 هجمة منظمة على مدار البطولة منها 41 هجمة من جهة اليسار و 44 هجمة من الجهة اليمنى بينما قادوا 31 هجمة من الوسط وحصل الأسبان على 35 ضربة ركنية خلال البطولة.
• قام الأسبان بتمرير الكرة – 3415 – مرة على مدار البطولة بنسبة تمرير صحيحة 82% وهو رقم عالمي بكل المقاييس أكثر اللاعبين تمريرا في المنتخب الأسباني كانوا كما يلي :
1.سيرجيو راموس : ب 337 تمريرة وبنسبة 82% تمريرة سليمة
2. تشابي هيرنانديز : 316 تمريرة بنسبة 90 % تمريرة سليمة
3. سيينا : 307 تمريرة بنسبة 90% تمريرة سليمة .
ومن الطريف أن تلاحظ مدى التناغم بين لاعبي أسبانيا من أجل تنفيذ كلام مديرهم الفني والدليل على ذلك أن أكثر اللاعبين تمريرا – لبعضهما البعض كانا – كلا من سيرجيو راموس وماركو سيينا – حيث كان سيينا هو المسئول عن توصيل الكرة من خط الدفاع الى خط الوسط والهجوم ولذلك سنرى أن راموس مرر الكرة 46 مرة لسيينا خلال المباريات المختلفة وهو رقم كبير .
• وعلى الجانب الأخر وعندما كان يقوم – تشابي – بدور سيينا في بعض الأحيان نجد أنه هو الأخر تلقى التمريرات من المدافع – كبديفيلا – 44 مرة خلال المباريات الأسبانية في البطولة .
في النهاية المنتخب الأسباني أمتعنا وأستحق البطولة وأستحق أن نقول أنه غير خريطة الكرة مرة أخرى .